كيفية تنفيذ المرونة في مكان العمل لتحسين أداء الموظفين والشركات

عالم العمل يتغير دائماً. في هذه الأيام، أصبح إبقاء الجميع على نفس الجدول الزمني التقليدي من التاسعة إلى الخامسة قديماً مثل مكتب مليء بالهواتف الدوارة. للحفاظ على شركتك في الطليعة، حان الوقت لاستكشاف عالم المرونة وتنفيذه في مكان العمل.

في هذا المقال، ستجد نظرة عامة على العالم الديناميكي للمرونة في مكان العمل، وسوف تكتشف الإعدادات المتنوعة المتاحة لشركات اليوم، ومعرفة السبب في أن تنفيذ المرونة في مكان العمل يؤدي إلى موظفين أكثر سعادة وإنتاجية.

اعتماد ممارسات المرونة في مكان العمل يساعد الشركات والموظفين.

تخيل يوماً مزدحماً في المدينة. أب شاب يوصل طفليه إلى الحضانة ويتوجه إلى المكتب. بعد أربع ساعات، يذهب ليأخذ أطفاله ويُنهي عمله من المنزل. في الجانب الآخر من المدينة، يُنهي طالب شاب وردية عمل مدتها عشر ساعات لأن هو سيعمل أربعة أيام فقط هذا الأسبوع. في هذه الأثناء، جارت هذا الطالب مسؤولة تنفيذية كبيرة، لم تحضر أي اجتماعات منذ أسابيع، لأنها مشغولة بممارسة بعض الهوايات.

يتعامل كل من هؤلاء الأفراد مع العمل بطريقة مختلفة، لكن لديهم شيء واحد مشترك: كل منهم مثال على المرونة الناجحة في مكان العمل. ويقومون جميعاً بعمل يتيح لهم تحقيق التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية دون التضحية بالإنتاجية.

المرونة في مكان العمل هو أي نوع من ترتيبات العمل الذي لا يستند على نموذج العمل من الساعة التاسعة إلى الخامسة مساءً، خمسة أيام في الأسبوع. من خلال التخلي عن النموذج التقليدي من التاسعة إلى الخامسة، يمكن للموظفين وأرباب العمل تعديل وقت وكيفية إنجاز العمل. 

قد يعني ذلك وضع ساعات أطول لأيام أقل، أو العمل عن بُعد بدوام كامل أو جزئي، أو مجرد العمل لساعات محددة في “اقتصاد الوظائف المؤقتة”.

تفضيل نموذج العمل المرن على النموذج التقليدي 

بعض هذه الممارسات قديمة قدم العمل نفسه، بينما أصبح البعض الآخر ممكناً بفضل التكنولوجيا الجديدة. في كلتا الحالتين، أصبحت فكرة العمل المرن أكثر شيوعاً. تشير بعض الدراسات إلى أن ما يصل إلى 87 بالمائة من الموظفين يقولون إنهم يفضلون ترتيبات المرونة في مكان العمل. ووجدت الأبحاث في الولايات المتحدة أن 35 في المائة قد يغيرون الوظائف للحصول عليها.

إذن، لماذا المرونة جذابة للغاية؟ حسناً، بالنسبة للموظفين، فإنها تقلل من ضغوط الالتزام بجدول زمني واحد للجميع. لكل شخص احتياجات ومسؤوليات مختلفة، لذا فإن السماح لك بتخصيص يوم العمل يمكن أن يكون مفيداً للغاية. في الواقع، تُظهر الأبحاث التي أجرتها YouGov أن 16 بالمائة فقط من الموظفين سوف يلتزمون بجدول العمل الرسمي – من التاسعة إلى الخامسة – إذا تم اعطئهم الاختيار.

تعمل المرونة لصالح أصحاب العمل أيضاً. تُظهر الدراسات أنه من الأسهل جذب أفضل الأشخاص والاحتفاظ بهم عندما تقدم ترتيبات عمل مرنة. يميل الموظفون الذين يتمتعون بمزيد من التحكم في ساعات عملهم إلى أن يكونوا أكثر إنتاجية ومشاركة وإبداعاً.

يمكن لأي شركة توفير نظام المرونة باتباع بعض المبادئ البسيطة.

لأكثر من 140 عاماً، قدمت مجموعة زيورخ للتأمين خدمات تأمينية من مقرها الرئيسي الواقع في جبال الألب السويسرية. في ذلك الوقت، نمت الشركة من منظمة صغيرة إلى وحش دولي مع أكثر من 55000 موظف. من الواضح أن الكثير يمكن أن يتغير خلال 14 عقداً.

ومع ذلك، حدث أحد أكبر التغييرات مؤخراً. بدأت زيورخ للتأمينات بتجربة توفير العمل المرن. في البداية، تم توفير نظام العمل المرن لموظفين محدودين فقط. لكن التجارب كانت ناجحة لدرجة أن الشركة وسعت البرنامج مراراً وتكراراً. اليوم، أكثر من 72 في المائة من القوى العاملة في مجموعة زيورخ تتسم بالمرونة.

إذا كانت مؤسسة ضخمة راسخة مثل زيورخ للتأمينات يمكنها التكيف مع العمل المرن، فبالتأكيد تستطيع أي شركة ذلك. إنها مجرد مسألة اتباع النهج الصحيح.

العناصر اللازمة لتوفير المرونة في العمل

هناك ستة عناصر أساسية لازمة لإنشاء تجهيزات عمل مرن. أولاً، يجب على الشركات أن تجعل المرونة هي الخيار الافتراضي لجميع الموظفين. لا ينبغي أن تكون المرونة مكافأة على السلوك الجيد ولكن الطريقة التي تتمركز عليها كيفية أداء الأعمال في الشركة. وهذا يعني توفير المرونة لكبار المديرين والعاملين على حد سواء.

ثانياً، يجب على الشركات استكشاف المرونة في جميع أشكالها. بعض الوظائف، خاصة الأعمال المعرفية مثل المحاسبة أو الهندسة أو الكتابة، مناسبة تماماً للعمل عن بُعد. 

الأدوار الأخرى، مثل التمريض، والتموين، والبناء، ليس من السهل القيام بها عن بعد. لكن لا يزال بإمكان هؤلاء العمال الاستمتاع بأنماط أخرى من المرونة مثل الجدولة المتدرجة أو المخصصة.

المبدأ الثالث والرابع يدوران حول ثقافة مكان العمل. يجب على الشركات بناء بيئة عالية الثقة وتشجيع الناس على العمل دون مراقبة وإشراف مستمرين. 

يجب على الشركات أيضاً مساعدة المديرين من خلال إعداد تدريب متخصص يركز على تحديات العمل المرن. أشياء مثل كيفية تتبع التقدم وبناء علاقة مع العمال عن بُعد دون الاعتماد على التفاعلات وجهاً لوجه أو اللجوء إلى الإدارة الدقيقة.

خامساً، أهمية وضع سياسات فعالة. هذا يعني إنشاء مبادئ توجيهية واضحة حول كيفية إعداد العمل. يجب أن يكون لدى مؤسستك قواعد سهلة الفهم حول تغييرات الجدول الزمني وعقود العمل المرنة.

سادساً وأخيراً، يجب أن تستثمر الشركات في التكنولوجيا المناسبة. غالباً ما يعني اعتماد العمل المرن تحديث الأنظمة الداخلية ومنح الأشخاص أجهزة وبرامج جديدة. لا تبخل في استخدام هذه الميزات – فامتلاك الأدوات المناسبة أمر ضروري لإجراء انتقال سلس.

تجنب المشاكل عن طريق التخطيط بعناية لتوفير المرونة في مكان العمل.

موظفون أكثر سعادة، وأيام عمل أكثر إنتاجية. يبدو أن العمل المرن يوفر الكثير من الفوائد، وربما تكون حريصاً على تنفيذه على الفور. فلماذا لا تبدأ غدا؟

ليس من السهل بناء سياسات العمل المرن. في معظم الحالات، اعتماد سياسة العمل المرن في شركتك يعني قلب الأنظمة التي كانت قائمة منذ عقود وإعادة تدريب العشرات أو حتى المئات من الأشخاص على السياسات والتوقعات الجديدة.

لتجنب الفوضى والمشاكل، من الأفضل الانتقال إلى العمل المرن باستراتيجية واضحة.

خطوات تنفيذ المرونة في مكان العمل

تتمثل الخطوة الأولى في اعتماد نظام عمل مرن في إجراء تقييم على مستوى الشركة لمعرفة مدى استعداد مؤسستك للعملية المقبلة. سترغب في التعرف على مواقف الأشخاص، والأهداف التي تمتلكها الإدارة من أجل الانتقال، والموارد المتاحة لمساعدتك في إجراء التغيير.

بمجرد أن تتعامل مع السياسات الحالية وفكرة عامة عما تريد تحقيقه، قم بإعداد خريطة طريق خطوة بخطوة للتحول نحو المرونة. للقيام بذلك، حدد سلسلة من الأهداف قصيرة المدى باستخدام إطار الأهداف الذكية أو SMART Goals. وهذا يعني إنشاء معالم محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وواقعية ومحددة زمنياً. على سبيل المثال، يمكن أن تهدف إلى جعل عدد معين من الموظفين يعملون من المنزل بحلول تاريخ معين.

لا تبالغ. في بعض الأحيان يكون من الأفضل أن تبدأ ببعض المخططات التجريبية الصغيرة لإتقان أسلوبك وحل المشكلات. اختر قسماً واحداً لاختبار استراتيجياتك الجديدة. أثناء إجراء العديد من التجارب، تتبع بعناية ما يصلح وما لا يصلح. اجمع بيانات حول أشياء مثل الإنتاجية ومعدلات الغياب والتكاليف بالإضافة إلى التعليقات الصادقة من الموظفين. في نهاية المطاف، يُعد تحقيق أقصى قدر من الرفاهية للموظفين هو الهدف الرئيسي.

على طول الطريق، ستحتاج إلى مواصلة التواصل بنشاط مع جميع المعنيين. لا تقم بأي تغييرات كبيرة دون سابق إنذار. بدلاً من ذلك، قدم تحديثات منتظمة حول كيفية الانتقال إلى العمل المرن وقدم جدول زمني مفصل للتغيرات المحتملة القادمة. تعتبر أماكن العمل جهداً جماعياً، لذا فإن الحصول على مداخلات الجميع سيحافظ على سير عملك بسلاسة أثناء تغييره ونموه.

يعتمد تنفيذ المرونة في مكان العمل على وجود سياسات واضحة تماماً.

حسناً، حان الوقت للتحدث عن شيء لا يحبه أحد ولكن يحتاجه الجميع. لا، ليس الممارسة! نحن نتحدث عن شيء أكثر روتينيّة: الأعمال الورقية والقواعد واللوائح.

هذه الركائز الأساسية للحياة العملية ليست ممتعة بشكل خاص، لكنها تلعب دوراً مهماً في جميع الشركات التي تعمل بشكل جيد. إن إدارة شركة بدون سياسات وإجراءات مكتوبة يشبه بناء منزل بدون مخططات. في النهاية، يمكن أن يصبح كل شيء غير مستقر وينهار.

هذا ينطبق بشكل خاص على مكان العمل المرن. عندما يتمكن الجميع من تشكيل حدود عملهم، فإن وجود إرشادات واضحة حول عملية تنفيذ العمل المرن في مكان العمل أمر ضروري.

إذن، لماذا تعتبر اللوائح المكتوبة مهمة جداً في بيئة العمل المرنة؟

حسناً، فهي تضمن أن يكون الجميع على نفس الرأي. تنشأ العديد من مشاكل مكان العمل عندما لا تتوافق الإدارة والموارد البشرية والموظفون مع توقعاتهم و روتينهم. 

ضع جميع سياسات شركتك في مستند واحد يسهل الوصول إليه، و ستمنح كل صاحب مصلحة وصولاً متساوياً إلى جميع المعلومات الأساسية.

ما نوع السياسات التي يجب أن تكتبها؟ جميعهم تقريبا. ستحتاج إلى وثائق مكتوبة تغطي كل شيء من جدولة الموظفين ومراجعات الأداء، إلى كيفية التعامل مع الترقيات والانتقالات. 

على سبيل المثال، كم عدد الأيام المرضية التي يحصل عليها كل موظف؟ قبل كم أيام يجب على شخص ما أن يطلب عطلة؟ في بعض البلدان، تتم كتابة هذه الشروط في القانون، ولكن من الذكاء أن تضعها في مستنداتك الخاصة بالشركة أيضاً.

بعض السياسات مفيدة بشكل خاص للعمل المرن. إذا كان بإمكان الموظفين اختيار ساعات العمل الخاصة بهم، فقد تحتاج إلى تعيين أيام أو أوقات للاجتماعات المتكررة أو الإلزامية. 

أو ربما تكون قد وضعت قواعد للتواصل: أشياء مثل أوقات معينة من اليوم لتسجيل الوصول، أو قاعدة تمنع المشرفين من الاتصال بالعاملين بعد ساعات معينة. يمكنك حتى الخروج بإرشادات حول أحداث معينة مثل الولادة أو المرض.

بينما تكون أقسام الموارد البشرية مسؤولة عن إنشاء هذه القواعد وتحديثها، فلا ينبغي لها أن تفعل ذلك بمفردها. للتأكد من أن سياساتك فعالة وعادلة، تأكد من الحصول على مداخلات من جميع الموظفين المعنيين بالعمل المرن. وحاول تجنب اللغة شديدة التعقيد أو اللغة القانونية. حتى أفضل سياسة ستفشل إذا لم يفهمها أحد!

اجعل انتقالك إلى المرونة في مكان العمل يسير بسلاسة من خلال التخطيط المسبق.

لنفترض أنك موظف مكتب نموذجي. ربما مبرمج أو مسوق أو مصمم جرافيك. في يوم من الأيام، يصل بريد إلكتروني إلى صندوق الوارد الخاص بك. بأحرف كبيرة، الموضوع يقول، “يبدأ العمل المرن غداً!”

هل ستشعر بالصدمة والارتباك والقلق؟ آمل أن تكون إجابتك “لا”. إذا فعل صاحب العمل الأشياء بشكل صحيح، فلن تشعر سوى بالإثارة والتفاؤل. ستعرف بالضبط ما يعنيه العمل المرن بالنسبة لك و لدورك. ستعرف إلى أين تذهب، وماذا تتوقع، ومن تتصل إذا واجهتك مشاكل.

من الواضح أن هذا هو السيناريو الأفضل. لكن هذا لن يحدث بالصدفة.

أخيراً، يجب أن يكون طرح برنامج عمل مرن في مؤسستك مناسبة للاحتفال. سيكتسب العاملون لديك مزيداً من التحكم في أعمالهم الروتينية و يحصدون ثمار التوازن الأفضل بين العمل والحياة. لضمان مرور هذا اليوم بسلاسة قدر الإمكان، من الضروري التأكد من أن الجميع، قبل تنفيذ سياسة العمل المرن، يفهم ما يحدث وما يمكن توقعه في المستقبل.

التواصل أمر ضروري

قبل الموعد المحدد، يجب إعطاء جميع الموظفين تعليمات واضحة حول كيفية تأثير التغيير على عملهم. إذا تم منحهم ساعات عمل مرنة، فيجب أن يعرفوا مداخل وعموم الجدولة وكيفية مشاركة التقويم الخاص بهم. 

إذا كانوا يعملون عن بعد، فيجب أن يشعروا بالراحة تجاه طلب مساعدة لأي متطلبات تقنية. يجب عليهم أيضاً فهم حدود مرونتهم حتى لا تكون لديهم توقعات غير واقعية.

ستحتاج إلى استخدام أساليب متعددة. اجعل المعلومات متاحة في كتيب مكتوب، أو أفضل من ذلك، في ويكي أو منتدا عبر الإنترنت، حتى يتمكن الأشخاص من البحث عن السياسات بأنفسهم. 

ضع في اعتبارك عقد اجتماعات ما قبل التنفيذ كمنتدى للناس لطرح الأسئلة. وتذكر، قد تحصل على ردود فعل سلبية. كن مستعداً للرد على النقد بحجج مقنعة.

بالطبع، لا يتوقف التواصل بعد تنفيذ سياسة العمل المرن. استمع إلى التعليقات حول ما ينجح وما لا ينجح. أنشئ منتديات مفتوحة حيث يمكن للموظفين مشاركة النصائح وتقديم النصائح ومساعدة بعضهم البعض.

والأهم من ذلك، إذا كان بإمكانك، تأكد من الترويج لأي قصص نجاح توضح كيف تحسنت الأمور بهذه الطريقة الجديدة في العمل.

خلاصة القول

العديد من الشركات عالقة في نموذج دوام العمل الرسمي: إلزام موظفيها بالحضور الى المكتب، خمسة أيام في الأسبوع، والعمل من الساعة 9:00 صباحاً حتى 5:00 مساءً. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أن تنفيذ المرونة في مكان العمل تجلب فوائد عظيمة – أشياء مثل المزيد من الرضا الوظيفي، وإنتاجية أفضل، وقوى عاملة أكثر تفاعلاً. 

للحصول على عمل مرن في شركتك، فكر في الأساليب الأكثر ملاءمة لأهدافك. ثم اعمل مع جميع أصحاب المصلحة للتوصل إلى خطة عملية يمكن للجميع التوقيع عليها.