الكتابة بخط اليد: تعرف على الفوائد النفسية للكتابة اليدوية

قوبلت اجهزة معالجات النصوص بردود فعل متباينة عندما ظهرت لأول مرة في نهاية الستينيات. في حين أن هذه الأجهزة ساعدت بالتأكيد بمهمة الكتابة بشكل أسرع من الكتابة اليدوية، كان الكُتاب التقليديين قد سئموا من هذه التكنولوجيا الجديدة بقدر ما كانوا مفتونين بها. 

قال الكاتب جون أبدايك، على سبيل المثال، إن جهاز معالجة الكلمات تجعل كتابة النصوص “أمر سهل للغاية”. وكذالك، كتب أبدايك في رسالة إلى محرره في The New Yorker “لقد اشتريت معالج نصوص ونحن نتوصل ببطء إلى فهمه. إنه سريعه في الكتابة، لكن لديه القليل جداً من الخيال”.

كان أبدايك من أوائل الذين لديهم مشاعر معقدة حول كتابة أفكاره بستخدام جهاز معالجة النصوص أو آله الكتابة. لكنه بالتأكيد لم يكن الأخير. كثير من الكُتاب من دانييل ستيل إلى نيل جايمان تجنبو إستخدام أجهزة الكمبيوتر لتأليف أعمالهم، وفضلو كتابة أعمالهم يدوياً.

فوائد وضع القلم على الورق ليست فقط للمؤلفين المشهورين. بالنسبة لأولئك الذين يقضون معظم الأيام أمام أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، فإن الكتابة باليد لها عدد من الفوائد النفسية. بالإضافة إلى منح أعيننا الراحة اللازمة من وهج الشاشة.

إقرأ ايضاً:

الكتابة بخط اليد تحسن الذاكرة

وجدت دراسة أجريت عام 2017 في مجلة Frontiers in Psychology أن مناطق الدماغ المرتبطة بالتعلم كانت أكثر نشاطاً عندما أكمل المشاركون مهمة كتابة يدوياً بدلاً من لوحة المفاتيح. ليس ذلك فحسب، بل وجد مؤلفو الدراسة أيضاً أن الكتابة اليدوية يمكن أن تعزز “الفهم العميق” بطريقة لا تفعلها الكتابة بالوحة المفاتيح.

في الواقع، كان هناك العديد من هذه الدراسات التي وصلت إلى هذا الاستنتاج. قارن أحد الأمثلة البارزة من عام 2014 بين الطلاب الذين قاموا بتدوين الملاحظات يدوياً وأولئك الذين سجلوا الملاحظات على أجهزة الكمبيوتر المحمولة. وجد الباحثون أن الطلاب الذين يستخدمون أجهزة الكمبيوتر المحمولة يميلون إلى تدوين ما قاله الأستاذ حرفياً. 

في حين أن أولئك الذين يدوِّنون الملاحظات يدوياً كانوا أكثر عرضة للاستماع إلى ما قيل وتحليله بحثاً عن محتوى مهم و معالجة المعلومات وإعادة صياغتها في كلماتهم الخاصة. 

وكانت النتيجة أن عندما تم طرح أسئلة مفاهيمية حول المحاضرة، كان الطلاب الذين قاموا بتدوين الملاحظات يدوياً أكثر قدرة على الإجابة من أولئك الذين كتبوا ملاحظاتهم باجهزة الكمبيوتر.

قال دانيال أوبنهايمر، أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة، أنه من أجل تحليل المحاضرة، “كان على الطلاب التفكير بعمق في المادة وفهم الحجج فعلياً. هذا ساعدهم على تعلم المادة بشكل أفضل.

الكتابة باليد تجبرنا على الإبطاء

وفقاً لأوبنهايمر، فإن الشيء الأكثر إزعاجاً في الكتابة اليدوية هو أيضاً ما يجعلها فعالة جداً في التعلم. يقول: “كانت الميزة الأساسية لكتابة الملاحظات الطويلة يدوياً أنها تبطئ حركة الطلاب”.

عندما تكتب باليد، فأنت تكتب بتفكير وتأمل أعمق. 

تقول عالمة الأعصاب كلوديا أغيري إن مثل هذه الكتابة الواعية تستقر في الدماغ، وتفتح الباب للإبداع المحتمل. كذلك، كشفت الأبحاث الحديثة في علم الأعصاب عن مسار عصبي مميز لا يتم تنشيطه إلا عندما نكتب الأحرف يدوياً. وهذا المسار، المحفور بعمق مع الممارسة، مرتبط بنجاحنا الشامل في التعلم والتذكر.

ذلك بسبب أنه عندما نكتب يدوياً، فهذا يُشكل مسارات في الدماغ تذهب بالقرب أو من خلال الأجزاء التي تُدير المشاعر.

لكن في المقابل، الكتابة بالكيبورد لا يحفز تلك المسارات بنفس الطريقة. من الممكن ألا يكون هناك نفس الارتباط مع الجزء العاطفي من الدماغ عندما يكتب الناس بستخدام لوحة المفاتيح. على عكس الكتابة بخط اليد.

على نفس المنوال، فإن الكتابة بخط اليد تتيح للناس أيضاً معرفة ما يقصدون قوله. وهذا قد يساعد في التعبير عن الذات. في بعض الحالات، يمكن أن يساعد وضع القلم على الورق في بناء الروابط. على سبيل المثال، الطبيب الذي يدون ملاحظات حول أعراض المريض يدوياً قد يبني علاقة مع المرضى أكثر من الأطباء الذين يكتبون على الكمبيوتر.

عندما يكون العمل المكتوب يدوياً هو الأفضل

السرعة التي نكتب بها نعمة ونقمة. بينما ستكون هناك دائماً أشياء تُريد كتابتها بسرعة، هناك أشياء أخرى يمكن أن تستفيد من الوقت الذي تستغرقه في كتابتها يدوياً.

بالنسبة لي، تساعد كتابة أفكاري في الصباح الباكر على تفريغ عقلي وتمنحني بداية جديدة لليوم. أنا مناصر لكتابة اليوميات بغض النظر عما إذا كانت على الورق أو في برنامج معالجة النصوص. ولكن، الاحتفاظ بدفتر يوميات يمكن أن يوفر استراحة منخفضة المخاطر على أنفسنا وتساعدنا على تحسين المزاج.

لوحات المفاتيح رائعة للعديد من الأشياء. لكن في بعض الأحيان، لا يوجد بديل للشعور بفتح ورقة بيضاء، وفك غطاء القلم، وترك الحبر يتدفق.