التفكير المركز والتفكير المنتشر يساعدانك على الأداء بشكل أفضل

هناك عدة أنماط من التفكير، ولكن تعتمد أدمغتنا على نمط التفكير المركز ونمط التفكير المنتشر للأداء بشكل أفضل. في الواقع، ينتقل الدماغ ذهاباً وإياباً بين هذه النمطين بانتظام. عندما تقوم بأفضل أعمالك، أو تتعلم شيئاً جديداً أو تعمل على أهم مهامك، فأنت في نمط التفكير المركز.

إنها حالة ذهنية شديدة اليقظة حيث يستخدم الدماغ أفضل قدرات تركيزه. يستخدم الدماغ نمط التفكير المركز عندما نعمل بنشاط على مهمة.

في فترات التركيز الحقيقية، يتم تحقيق العمل بتعمق والدخول في حالة التدفق التي تساعد على العمل بانتاجية عالية عندما تكون منغمساً تماماً في نمط التركيز.

يصف ميهالي كسيسنتميهالي، عالم النفس الذي درس العلاقة بين الانتباه والعمل، هذه الحالة الذهنية بأنها “تدفق”.

يقول ميهالي في كتابه “التدفق: سيكولوجية التجربة المثلى” أن التدفق يميل إلى الحدوث عندما يستخدم الشخص مهاراته بشكل كامل في التغلب على تحدي وصعوبات يمكن التحكم فيه.

إنها الحالة الذهنية اليقظة حيث يستخدم الدماغ أفضل قدرات تركيزه في قشرة الفص الجبهي لتجاهل جميع المعلومات الخارجية. نستخدم نمط التفكير المركز بشكل أساسي لحل المشكلات ومعالجة المهام الصغيرة والكبيرة وإنجاز المهام.


مقالات ذات صلة:


التفكير المنتشر

في المقابل، النمط الثاني هو نمط التفكير المنتشر او “Diffused Mode”. يكون الدماغ في حالة نمط التفكير المنتشر عندما نكون في حالة استرخاء أو نمشي أو في حالة أحلام اليقظة.

نمط التفكير المنتشر فعال عندما تسمح لعقلك التفكير بحرية، وإجراء روابط بشكل عشوائي. في التفكير المنتشر، يمتلك عقلك الفرصة لربط النقاط وربط المعلومات والمعرفة بشكل أفضل.

يقول عالم النفس سكوت باري كوفمان بأن “شرود الذهن يخدم وظائف تكيفية متعددة، مثل التخطيط المستقبلي، وفرز الاهتمامات الحالية، ومعالجة وفهم تدفقات المعلومات المختلفة، والإبداع.”

أظهرت الدراسات أن النشاط في العديد من مناطق الدماغ يزداد عندما يكون التفكير متشتت. يحل عقلك مشاكلك الصعبة عندما تخصص وقتاً للتفكير المنتشر.

عندما تُركز مهتمك باستمرار بإنجاز الأشياء، أو ماذا ساتعمل بعد ذلك، أو الذهاب إلى الاجتماعات أو التعاون مع الزملاء، فمن الصعب إفساح المجال للحالة الذهنية “المنتشرة”.

تحسين مدى الانتباه والتركيز

لتحسين مدى انتباهنا وتركيزنا وأدائنا، نحتاج إلى إعادة تشغيل الدماغ أو إعادة ضبطه على عدة نقاط على مدار اليوم.

إذا كنت تحاول فهم شيء جديد أو اكتشافه، فإن أفضل شيء سوف يُساعدك هو إيقاف نمط التفكير المركز وتشغيل نمط التفكير المنتشر أو المشتت.

كثير منا يخلط بين “الانشغال” وكونه فعالاً أو منتجاً. لا يمكنك القيام بأفضل أعمالك إلا إذا كنت تتعمد الوصول إلى كلا نمطين التفكير عدة مرات في اليوم.

والعلم يدعم هذا الإدعاء أيضاً. أظهرت دراسة من جامعة ستانفورد أن الناس يكونون أكثر إبداعاً عندما يتجولون بدلاً من الجلوس في مكانهم.

يبدو أن التواجد في نمط واحد من التفكير يحد من وصولك إلى النمط الآخر. التناوب بين التفكير المركز والتفكير المشتت او المنتشر هو أفضل طريقة لإتقان موضوع ما أو حل مشكلة صعبة أو القيام بأفضل أعمالك.

كثير من الناس المنشغلين والناجحين يحددون وقتاً للتفكير. يأخذون فترات راحة من الاجتماعات أو المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني للتفكير واستكشاف أفكار جديدة والسماح للأفكار الحالية بإجراء ارتباطات أو روابط ذات مغزى.

يتطلب توليد الأفكار الجيدة والإنتاجية والقيام بعمل جيد استراحة من نمط التفكير “المركّز”.

كان تشارلز داروين يمشي لمسافات طويلة حول لندن.

كان ديكنز يكتب رواياته بين الساعة 9 صباحاً و 2 ظهراً. بعد ذلك، كان يخرج في نزهة طويلة.

اشتهر ستيف جوبز أيضاً بالمشي لمسافات طويلة، والتي استخدمها للتمرين والتأمل وحل المشكلات وحتى الاجتماعات.

استفاد توماس إديسون من القيلولة لتوليد الأفكار. وكذالك، العديد من كتب ستيفن كينج تبدأ بجمل مفردة مكتوبة في دفتر ملاحظات أو على منديل بعد الاستحمام أو القيادة أو المشي.

الكسل ليس عيب، إنه لا غنى عنه لإجراء تلك الروابط غير المتوقعة في الدماغ التي ترغب بها وضرورية لإنجاز أعمالك بشكل إبداعي.

أعد ضبط عقلك للوصول الى ذروة أدائك

تُظهر الدراسات أنه عند إعطاء عقولنا الإستراحة المطلوبة من مشاغل العمل، فإن الجهاز العصبي يستعيد نشاطة، ويساعد في الحفاظ على الطاقة، ويهيئ عقولنا لتكون أكثر قدرة على التكيف والاستجابة.

من المفيد إغلاق بريدك الإلكتروني لبضع ساعات أو حتى ليوم كامل إذا استطعت، أو جرب “الصيام” من الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي وجميع المشتتات التي تمنعك من الاستفادة من فترات الراحة المنتظمة.

لا يمكنك البدء في تحقيق أقصى قدر من النتائج إلا عندما تُقدر وتتقبل حاجيات جسمك من الراحة.

جميع المهام والقرارات الصغيرة التي يتعين عليك اتخاذها كل يوم بينما تعمل تدريجياً تستنفد طاقتك الداخلية.

إحدى الطرق هي تقسيم العمل فترات مكثفة ومركزة. عندما تتوقف الأفكار عن التدفق وتتضاءل العوائد، افعل شيئاً يفضي إلى شرود الذهن. يُنصح بممارسة الرياضة أو المشي أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى. كذلك، يُعتبر أخذ قسط من الراحة (حتى لمدة 15 إلى 20 دقيقة) طريقة مجربة للحفاظ على مستويات التركيز والطاقة طوال اليوم.

كتب دانييل جيه ليفيتين من جامعة ماكجيل ذات مرة عن أهمية أو إعادة ضبط دماغك بين الحين والآخر.

كيف تكون أكثر ابداعاً وإنتاجية

إذا كنت تريد أن تكون أكثر إنتاجية وإبداعاً، وأن يكون لديك المزيد من الطاقة، فإن العلم يفرض عليك تقسيم مشروعك او عملك إلى فترات.

إذا كنت تشعر بالإرهاق، فهناك سبب: قدرة العقل الواعي لمعالجة واستيعاب المعلومات محدودة. هذا نتيجة لكيفية تطور نظام الانتباه في الدماغ. تمتلك أدمغتنا نمطين مهيمنين للانتباه: شبكة المهام الإيجابية والشبكة المهام السلبية للمهام.

تكون الشبكة الإيجابية للمهام نشطة عندما تشارك بنشاط في مهمة ما، وتركز عليها، ولا يتشتت انتباهك؛ … تكون شبكة المهام السلبية نشطة عندما يكون عقلك شارداً؛ هذا هو وضع أحلام اليقظة. تعمل شبكتان الانتباه مثل لعبة التوازن في الدماغ: عندما تكون إحداهما نشطة فإن الأخرى لا تعمل.

لم يتم بناء الدماغ البشري للتركيز الموسع الذي نطلبه منه هذه الأيام. والخبر السار هو أن هناك طريقة لزيادة تركيز الدماغ والعودة إلى المسار الصحيح – كل ما تحتاجه هو استراحة قصيرة للعودة إلى المسار الصحيح.

كما أكد رون فريدمان من Harvard Business Review على أهمية استخدام كلا النمطين في التفكير لتحقيق أفضل أداء.

“عندما تعمل في مهمة بشكل مستمر، فمن السهل أن تفقد التركيز. على النقيض من ذلك، بعد استراحة قصيرة، فإن المتابعة من حيث توقفت يجبرك على أن تأخذ بضع ثوان للتفكير بشكل أفضل فيما تحاول تحقيقه في النهاية”.

عندما تركز، فأنت في الواقع تحظر وصولك إلى الوضع “المنتشر”. ونمط الانتشار هو ما تحتاجه غالباً لتكون قادراً على حل المشكلات المعقدة.

كلا النمطين في التفكير لهما نفس القيمة في العمل الفعال والمنتج. قد يبدو الوقت الذي تقضيه في “الوضع المنتشر” وكأنك تضيع الوقت، ولكنه جزء ضروري من إنجاز الكثير من الأمور.