التحول الرقمي: كيف تطوير الشركات وإنشاء قيمة لهن في العصر الرقمي؟

التحول الرقمي هو مصطلح يستخدم لوصف تحول نموذج عمل الشركات من التقليدي إلى الرقمي. ويشمل اعتماد التقنيات الجديدة والتغييرات في العمليات التجارية.

في عالم اليوم، تبحث الشركات عن طرق لزيادة حصتها في السوق وزيادة أرباحها. تعتمد العديد من الشركات القنوات الرقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية وتطبيقات الأجهزة المحمولة من أجل الوصول إلى المزيد من العملاء وزيادة الإيرادات.

اليوم، تُعتبر نقطة البيع مجرد بداية لمعاملة مستمرة بين الشركات وعملائها. لا تحتاج الشركات اليوم إلى تقديم منتجات عادية، بل تحتاج الى توفير منتجات ذكية متصلة رقمياً تُقدم تجارب قيمة للعملاء. لذلك، لم يعد التحول الرقمي مجرد كلمة طنانة؛ أصبح ضرورة لأي شركة حريصة على زيادة حصتها في السوق.

قد يهمك ايضاً:

يجب على أي شركة حريصة على النمو في سوق اليوم أن تُراعي متطلبات رقمية معينة

لنفترض أنك تريد تعليق قطعة فنية في غرفة المعيشة الخاصة بك. يمكنك شراء مثقاب وجميع المواد اللازمة للقيام بذلك بنفسك. إذا كَانت لك القدرة على عمل هذا، فقد يكون هذا هو السبيل لتحقيق ماتُريد. لكن في المقابل، قد يكون مضيعة للوقت ومكلف. قد يكون البديل الأفضل هو استئجار شركة لديها بالفعل جميع المواد وتقوم بتعليق اللوحة الجديدة بسرعة وبشكل مثالي.

هذه الأنواع من الشركات تُمثل المستقبل. بدلاً من بيع المنتجات، فإنهم يبيعون النتائج، او مايسمى “product-as-a-service company“. (لم اجد لهذه التسمية مصطلح بالعربي، لكن الترجمة الحرفية لها هو “شركة منتج كخدمة”. وهذا الترجمة سوف أستخدمها خلال هذا المقال).

لم يكن هذا الانتقال من بيع المنتجات، مثل المطرقة والمسامير، إلى بيع الخدمات والنتائج، أمراً سهلاً بالنسبة للعديد من الشركات القديمة التي اعتادت القيام بالأشياء كما كان يُفعل دائماً. تحتاج هذه الشركات إلى مراعاة بعض الضرورات الرقمية إذا كانت تتجه الى النمو والازدهار في السنوات المقبلة.

التلائم مع التحول الرقمي

أول هذه الضرورات لأدارة الشركات هو الحاجة إلى تحويل جوهر الشركة لتتلائم مع العصر الرقمي. من الهندسة والإنتاج، وصولاً إلى وظائف المبيعات والدعم، يجب أن تكون الجوانب العديدة لشركة مرتبطة رقمياً ببعضها البعض – آراء العملاء – في كل خطوة على الطريق.

يتضمن ذلك وجود قوة عاملة جاهزة للعمل الرقمي وتكون جاهزة وراغبة وقادرة على التحلي بالسرعة والمرونة. اليوم، يمكن اختبار النماذج الأولية بسرعة باستخدام البرامج المصممة لتحديد المشكلات قبل حدوثها. أصبح الحصول على منتج من الفكرة إلى السوق أسرع من أي وقت مضى.

وبمجرد أن يصبح المنتج في أيدي العملاء، فليس من غير المألوف أن تبدأ تحديثات البرامج في الظهور في اليوم التالي. يجب أن تكون القوى العاملة لديك قادرة على العمل بانسجام مع هذا النوع من النظام البيئي المتطور باستمرار.

وعلى نفس المنوال، تحتاج أي شركة إلى أن تكون متوافقة مع التحول الرقمي، وأن تبتعد عن كونها مهتمة فقط بالمنتج ونقطة البيع. يجب أن يُركز نموذج العمل بالكامل على إنشاء الخبرات ورعاية علاقات العملاء طويلة الأمد.

بدلاً من النظر إلى نقطة البيع على أنها الهدف النهائي. هذا يعني أيضاً التأكد من إدارة الشركة على أساس أن هناك حاجة إلى العديد من المحاور للبقاء واقفة على قدميها. إذا كانت هناك حاجة لإجراء تغييرات، فيجب إنشاء الشركة بطريقة تجعلها سريعة وسلسة.

لتزدهر الشركات في العالم الرقمي، تحتاج إلى تحويل تركيزها من ميزات المنتج إلى تجربة العملاء

إذا كنت بحاجة إلى إخراج شركتك من العصور المظلمة إلى العالم الرقمي الحديث، فهناك العديد من التحولات الرقمية التي يجب أن تحدث عند إدارة الشركة. من أهم هذه العناصر تحويل تركيزك بعيداً عن المنتجات كما فهمناها تقليدياً وتوجيه تركيزك نحو الرحلة المستمرة لتجربة العميل.

بمجرد إجراء عملية البيع، هناك العديد من التجارب التي يجب وضعها في عين الاعتبار: ما هو شكل فتح الصندوق بمجرد تسليمه؟ كيف يبدو شعورك عند استخدام منتجك ومشاركة هذه التجربة مع الآخرين؟ إذا كنت تبيع كاميرات، ما مدى سهولة مشاركة الصور؟ كيف تبدو محاولة الحصول على نصائح حول طرق تحقيق أفضل تجربة ممكنة مع منتجك؟

أخيراً، تحتاج إلى التفكير في جميع الملحقات الممكنة وتحديثات البرامج التي ستسمح للعملاء بمواصلة إضافة قيمة إلى مشترياتهم بينما تستمر في تعزيز علاقتك معهم.

فكر في سيارات Tesla وكيف تقوم الشركة باستمرار بتحديث البرامج التي تدير السيارة، وكيف يمكن لهذا التدفق المستمر من التحسينات أن يجعل Tesla القديمة أكثر قيمة مما كانت عليه عندما تم شراؤها لأول مرة. هذا هو نوع التحول الرقمي في خطة العمل الذي تحتاج الشركات اليوم إلى إجرائه من أجل التنافس مع الأفضل.

يجب على الشركات اليوم أيضاً تحويل انتباهها إلى الذكاء الاصطناعي وبناء نموذج تشغيلي مرن

ربما تكون قد سمعت عن الخطوات الأخيرة في تطوير الذكاء الاصطناعي لا سيما عندما يتعلق الأمر بالخوارزميات المتقدمة التي تسمح لخدمات مثل Siri من Apple و Alexa من Amazon بمعرفة التفضيلات وتوقع احتياجات المستخدمين.

لكن الذكاء الاصطناعي هو أكثر من أن يكون مساعد رقمي. لهذا السبب يُعد تبني الذكاء الاصطناعي أمراً مهماً أيضاً لجميع الشركات عند إدارة أعمالهن.

في هذه الأيام، يتمتع الذكاء الاصطناعي بأربع قدرات شبيهة بالإنسان: يمكنه الشعور بالأشياء، كما هو الحال عند إجراء التعرف على الوجوه؛ يمكنه فهم الأشياء، مثل اللغة والأوامر الشفهية؛ يمكن أن يعمل، كما يفعل عند تقديم التوصيات؛ ويمكن أن يتعلم. كل هذه القدرات تجد طريقها إلى صناعة أو أخرى، وأي شركة تختار تجاهل الذكاء الاصطناعي من المرجح أن تتخلف عن الركب.

الذكاء الاصطناعي وزيادة قيمة وتسريع نمو للشركات

في الوقت الحالي، حوالي 70 بالمائة من الشركات المصنعة في جميع أنحاء العالم تعتبر الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من ابتكاراتهم ونموهم في المستقبل. ومع ذلك، فإن 19 في المائة فقط من هذه الشركات قدمت خارطة طريق واضحة ومحددة لاستخدام الذكاء الاصطناعي. لذالك، ساهم الذكاء الاصطناعي بشكل واضح في زيادة القيمة وتسريع النمو للشركات التي أضافته وطبقة استخداماته بالفعل.

خذ على سبيل المثال السماعة الذكية. كان هذا منتجاً غير موجود منذ بضع سنوات فقط، ولكن في عام 2018 وحده، تم بيع حوالي 56 مليون مكبر صوت ذكي في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه، يقترح الخبراء أن استخدام المساعدين الصوتيين والأجهزة المنزلية الذكية المتصلة رقمياً سيستمر في الارتفاع في السنوات المقبلة.

يقودنا هذا إلى تحول كبير وأخير للشركات: التوقف عن التفكير الخطي والتركيز على بناء نموذج تشغيلي مرن. سيستمر السوق والمشهد التكنولوجي في التغيُر بسرعة في المستقبل وسيؤدي وجود تسلسلات هرمية تقليدية من أعلى إلى أسفل إلى صعوبة الإدارة والعمل بسرعة واتخاذ القرارات التي يجب على الشركات اتخاذها.

يدعو مؤسس أمازون، جيف بيزوس، إلى إنشاء فِرَق صغيرة تتمتع بالصلاحيات وتهتم بالمنتجات مع التركيز على التجارب. كما يراه، فإن ضعف التجارب سيؤدي إلى قلة عدد الأفكار الجديدة.

يجب أن يكون التحول الرقمي للشركات خطوة رئيسية في خارطة طريق تحقيق النجاح

قد يكون الوقت مناسباً الآن لوضع كل شيء معاً في خارطة طريق واضحة للتحول الرقمي. هناك ست نقاط عمل رئيسية في خريطة الطريق هذه.

الست النقاط:

الأول هو تحديد رؤيتك والقيمة التي تقدمها. ما هو نوع الخبرة التي يقدمها منتجك؟ كن واضحاً بشأن هذا الأمر واعرف بدقة نوع المنتج المتصل رقمياً الذي تبيعه.

الثاني هو رقمنة أعمالك الأساسية. وهذا يعني تغيير جميع التحولات والمحاور الهيكلية التقليدية. قد يبدو هذا كخطوة مكلفة للشركات القديمة التي اعتادت القيام بالأشياء بطريقة تقليدية من أعلى إلى أسفل. لحسن الحظ، أن تنفيذ برنامج التحول الرقمي عادة ما ينتهي به الأمر إلى خفض التكاليف، مما يعني أن الانتقال يؤتي ثماره بشكل فعال.

والثالث هو تحديد تجربة المنتج الخاصة بك ومدى ارتباطها بعمليات عملك. على سبيل المثال، ما مقدار البيانات التي تحصل عليها من طريقة تفاعل العملاء مع منتجك؟ هل لديك مساحة تخزين كافية لتلك البيانات وخطة للاستفادة منها والتعلم منها؟

الرابع والخامس هما إنشاء مكان عمل وقوة عاملة مصممة لتسريع أعمالك الجديدة وتمكين التنفيذ السلس لرؤيتك. تذكر أن ثقافة مكان العمل الرقمية تحتضن الاختبار السريع والتعلم ودفع الأفكار الجديدة إلى الأمام. بدلاً من التفكير في عملك كمصنع للتصنيع، يجب التفكير فيه على أنه “مركز ابتكار للمنتجات والخبرة”. لكي يحدث هذا، قم بإزالة الحواجز التي تبقي الفرق معزولة وتأكد من أن الجميع يعملون بنفس البيانات والأهداف.

اخيراً، نقطة العمل رقم ستة هي تتبع نتائجك والاستعداد لتعديل المسار باستمرار. توفر المنتجات الذكية المتصلة رقمياً تدفقاً لا نهائياً من ردود فعل وبيانات العملاء. يجب إعداد الفرق والبرامج لتحليل هذه البيانات والعمل على أساسها.

وهذا يعني دورة إنتاج معينة، والتي تبدأ بتحسين فكرة المنتج ثم تنتقل إلى البناء والاختبار والتعلم من التكرار الأولي للمنتج. يأتي بعد ذلك تخطيط المنتج وتنفيذه وتقييمه. في كل مرحلة، يستمر المنتج في التطور من خلال تتبع النتائج.

خلاصة القول

نحن نشهد حالياً بدايات التحول الرقمي، حيث تمارس العديد من أكبر الشركات في العالم أعمالها عبر العالم الرقمي. إنهم ينشئون منتجات تعمل مثل الخدمات ويتم بيعها بناءً على التجارب التي يقدمونها. هذه المنتجات كخدمات كلها منتجات ذكية متصلة رقميا وموجودة كجزء من منصة. إنها توفر الترفيه والمعلومات والنقل وخبرات التسوق وخدمات البرامج المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تجعل الحياة أسهل. يمكن لأي شركة أن تتمحور حول عملياتها التجارية وتغييرها والبدء في تصنيع منتجات ذكية متصلة اليوم.