رأسمالية المراقبة: ما هي وكيف تُشكل اقتصادنا؟

رأسمالية المراقبة هي عملية يُحركها السوق حيث تكون السلعة المعروضة للبيع هي بياناتك الشخصية. كذالك، يعتمد تجميع هذه البيانات وإنتاجها على المراقبة الجماعية للإنترنت.

غالباً ما يتم تنفيذ هذا النشاط من قبل الشركات التي توفر لنا خدمات مجانية عبر الإنترنت، مثل محركات البحث (Google) ومنصات التواصل الاجتماعي (Facebook).

تقوم هذه الشركات بجمع وتدقيق سلوكياتنا عبر الإنترنت (الإعجابات، وعدم الإعجاب، وعمليات البحث، والشبكات الاجتماعية، والمشتريات) لإنتاج بيانات يمكن استخدامها بشكل أكبر لأغراض تجارية. وغالباً ما يتم ذلك بدون فهم النطاق الكامل للمراقبة.

قد يهمك ايضاً:

اقتصاد البيانات الضخمة

شهد أواخر القرن العشرين تحرك اقتصادنا بعيداً عن خطوط الإنتاج الضخم في المصانع ليصبح يعتمد تدريجياً على المعرفة. من ناحية أخرى، تستخدم رأسمالية المراقبة نموذج عمل قائم على العالم الرقمي، وتعتمد على “البيانات الضخمة” لكسب المال.

غالباً ما يتم جمع البيانات المستخدمة في هذه العملية من نفس مجموعات الأشخاص الذين سيكونون أهدافها في النهاية. على سبيل المثال، تجمع Google البيانات الشخصية عبر الإنترنت لاستهدافنا بالإعلانات. ومن المحتمل أن يبيع Facebook بياناتنا إلى المنظمات التي تريد منا التصويت لصالحها أو لتلقيح أطفالنا.

تقوم شركات المتاجرة بالبيانات، على عكس الشركات التي تحتفظ بالبيانات مثل Google أو Facebook، ببيع بياناتنا أيضاً. تشتري هذه الشركات البيانات من مجموعة متنوعة من المصادر، وتجمع المعلومات حول الأفراد أو مجموعات من الأفراد، ثم تبيعها.

الشركات الصغيرة تستفيد أيضاً من هذا. في عام 2018، تم إكتشاف بأن HealthEngine، وهو تطبيق لحجز المواعيد الطبية، يُشارك معلومات العملاء الشخصية مع محامي المهتمين بشكل خاص بإصابات مكان العمل أو حوادث المركبات.

من أين أتت رأسمالية المراقبة؟

تم توحيد ممارسات رأسمالية المراقبة لأول مرة في Google. استخدموا إجراءات استخراج البيانات وجمعوا بيانات المستخدمين لإنشاء أسواق جديدة لهذه السلعة.

علاوة على ذلك، حالياً، أكبر الممثلين في مجال راسمالية المراقبة هم Google و Amazon و Facebook و Apple. معاً، يجمعون ويتحكمون بكميات لا مثيل لها من البيانات حول سلوكياتنا، والتي يحولونها إلى منتجات وخدمات.

وقد أدى ذلك إلى نمو أعمال مذهل لهذه الشركات. في الواقع، تم تصنيف Amazon و Microsoft و Alphabet (Google) و Apple و Facebook الآن ضمن أكبر ست شركات في العالم من حيث القيمة السوقية.

جوجل، على سبيل المثال، يعالج في المتوسط 40 ألف عملية بحث في الثانية، 3.5 مليار في اليوم، و 1.2 تريليون في السنة. بلغت قيمة شركتها الأم، Alphabet، مؤخراً 822 مليار دولار أمريكي.

مصادر الحصول على المعلومات آخذة في الازدياد

زادت مصادر البيانات المتوفرة حديثاً بشكل كبير من كمية وتنوع البيانات المتاحة. يشمل مجتمعنا القائم على المستشعرات الآن الأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المنزلية الذكية والطائرات بدون طيار والألعاب المتصلة والسفر الآلي.

تضيف المستشعرات مثل الميكروفونات والكاميرات ومقاييس التسارع ومستشعرات درجة الحرارة والحركة إلى قائمة الأنشطة (البيانات) التي يمكن جمعها وتسليعها باستمرار.

أصبحت الأجهزة القابلة للارتداء شائعة الاستخدام مثل الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية، على سبيل المثال، جزءاً من ممارسات الرعاية الصحية اليومية. يمكن تخزين أنشطتنا وبيانات القياسات الحيوية واستخدامها لتفسير حالتنا الصحية واللياقة البدنية.

هذه البيانات نفسها ذات قيمة كبيرة لمقدمي التأمين الصحي. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يطلب بعض مقدمي خدمات التأمين من الحصول على البيانات من جهاز المتقدم لطلب تأمين صحي للتأهل للتغطية التأمينية.

كذلك، الألعاب المتصلة هي مكان آخر سريع النمو مرتبط برأسمالية المراقبة. هناك فوائد تعليمية من لعب الأطفال بهذه الألعاب، فضلاً عن إمكانية جذب الأطفال بعيداً عن الشاشات نحو المزيد من اللعب الجسدي والتفاعلي والاجتماعي.

ولكن حدثت بالفعل خروقات كبيرة للبيانات حول هذه الألعاب، مما يجعل بيانات الأطفال سلعة قيّمة أخرى.

في كتابها الأخير، عصر رأسمالية المراقبة، تقترح زوبوف أن مجتمعنا الناشئ القائم على أجهزة الاستشعار سيجعل رأسمالية المراقبة أكثر ترسخاً وانتشاراً في حياتنا.

خلاصة القول

على الرغم من أن رأسمالية المراقبة هي قوة جديدة تماماً في التاريخ الاقتصادي، فقد رأينا بالفعل ما يكفي لإدراك أنها تعتمد على تجاهل صارخ للأعراف والحقوق الاجتماعية التي نعتبرها ضرورية لأي مجتمع ديمقراطي ناجح.