الثقة في العمل: كيف تنمية الثقة بين الموظفين في مكان العمل؟

نحن نعيش في اقتصاد المعرفة حيث النجاح هو مسألة حل المشاكل والتوصل الى الفكرة الكبيرة التالية. لا يكفي الذكاء أو الاجتهاد. تحتاج الشركات والمؤسسات من موظفيها التعاون والتجربة والاستجابة لاحتياجات العمل التي تتغير باستمرار.

ولكن في العديد من المكاتب وغرف مجالس الإدارة، يفتقر الموظفين في مكان العمل إلى الثقة للقيام بذلك بالضبط. ويتم إسكاتهم بسبب الخوف من الفشل، أو الزملاء الذين يصدرون أحكاماً، أو الرؤساء الانتهازيين.

قد يهمك ايضاً:

القلق بشأن كيفية منظور الغير إلينا يمنعنا من أداء أفضل أعمالنا

تخيل أنك تجلس في اجتماع عمل. وتكلم مديرك عن بعض التحديات التي يجب معالجتها في الشركة، والآن يتطلب من الفريق تقديم اقتراحات.

لديك فكرة، لكنك قلق من أن يعتقد الآخرون أنها ليست جيدة. لذا، بدلاً من المخاطرة بأن تشارك أفكارك، احتفظت بأفكارك لنفسك.

سواء كان ذلك يحدث في اجتماع أو في فصل دراسي أو حتى حول مائدة عشاء، فإن معظمنا قد يتخلجة شعور عدم الثقة عندما يريد مشاركة أي شيء مع الغير.

ولكننا نتراجع في حال شعور بأن مشاركتنا سوف تجعل الغير ينظرون الينا بشكل سلبي. نتعلم القيام بذلك في وقت مبكر. كأطفال، نبدأ في مراعاة ما يعتقده أقراننا وتجنب قول أو القيام بأي شيء يمكن أن يجعلنا نبدو سخيفين أو ضعيفين أو غير مقبولين بين أقراننا مثل أي شخص آخر.

في الوقت الذي نصبح فيه بالغين، تكون عادة إسكات أنفسنا وتقييدنا شبه فاقده للوعي. ويمنعنا من التحدث عندما يكون لدينا أفكار أو أسئلة أو مخاوف في العمل.

مشاعر الخوف في مكان العمل

في دراسة أُجريت عام 2003 حول الأشخاص الذين يتحدثون في مكان العمل، وجد الأكاديميون فرانسيس ج. ميليكن، وإليزابيث دبليو موريسون، وباتريشيا إف هيلين أن 85 في المائة من المشاركين في الدراسة شعروا بعدم الثقة في العمل والقدرة على التواصل والتكلم مع رؤسائهم بما يتعلق بالمخاوف بشأن العمل.

السبب الأكثر شيوعا لهذا التصرف هوا عدم رغبة المشاركين بأن تكون وجة نظر رؤسائهم سلبية تجاههم.

حتى الأشخاص الواثقين على ما يبدو يواجهون مثل هذه المشاعر. خذ على سبيل المثال نيلوفر ميرشانت، رائدة اعمال. تم تصنيفها على أنها ذو بصيرة نافذة من قبل سي ان بي سي. وفي عام 2013، حصلت على جائزة المفكر المستقبلي من موقع ثنكرس50.

ولكن في مقال نشرته مجلة هارفارد بزنس ريفيو عام 2011، شاركت نيلوفر أنها أثناء عملها في شركة أبل، التزمت الصمت حيال المشكلات التي لاحظتها لأنها لا تريد أن تكون مخطئة. وقد نُقل عنها قولها: “أُفضل الاحتفاظ بوظيفتي من خلال البقاء ضمن المتعارف عليه بدلاً من قول شيء ما والمخاطرة بأن أبدو غبيه”.

عندما يعيق الخوف الناس من التحدث والشعور بالثقة في العمل، ليس فقط الأشخاص الذين يصمتون هم الذين يفقدون الفرص. تفقد الشركات أيضاً فرص لتوليد أفكار جديدة. وهذا أمر خطير بشكل خاص في عالم تحتاج فيه الشركات إلى الابتكار إذا أرادت النجاح.

تؤدي السلامة النفسية في مكان العمل إلى تحسين أداء الأفراد والفرق

دعونا نعيد النظر في سيناريو الاجتماع المذكور سابقاً. ولكن هذه المرة، بدلاً من القلق من أن فكرتك لن يتم تلقيها جيداً، فأنت على يقين من أن رئيسك وزملائك سيستجيبون بشكل إيجابي. إذا أعجبهم الفكرة، سيخبرونك بذلك. وإذا لم تعجبهم الفكرة، فسيقدمون لك ملاحظات بناءة.

في هذا السيناريو المثالي، تتمتع أنت وزملاؤك بالسلامة النفسية. هذا يعني الشعور المشترك بأنه يمكنك التعبير عن أفكارك ومقترحاتك بحرية، أو ارتكاب الأخطاء وطلب المساعدة دون تلقي ردود فعل سلبية.

عندما يكون مكان العمل يشجع الفرد او الفريق على البوح بافكارهم واقتراحاتهم دون الحرج من التعليقات السلبية او الفشل، هذا يساعد على إطلاق العنان للإبداع والابتكار والثقة في مكان العمل.

أظهرت دراسة عام 2012 تم عملها من قبل الباحثين التايوانيين تشي تشنغ هوانغ و بن تشن جيانغ خلال دراسة 60 فريق بحث وتطوير يتطلب عملهم تفكيراً مبتكراً خارج الصندوق. وعلموا أن الفرق ذات الأمان النفسي يكون أداها أفضل. في حين أن أعضاء الفرق الأخرى كانوا خائفين جداً من الرفض لو شاركو أفكارهم.

مثال أخر، شركة قوقل تُعتبر واحدة من أكثر الشركات ابتكاراً في العالم. في عام 2016، نُشر مقال في صحيفة نيويورك تايمز يتحدث عن دراسة تم إجرؤها في عملاق التكنولوجيا حول العوامل التي جعلت أفضل الفرق. بعد دراسة أكثر من 180 فريقاً من قوقل، وجد الباحثون أن أهم ميزة للفريق الجيد هي في الواقع السلامة النفسية.

وكما هو معروف بأن الابتكار صعب مهما كان. عندما تقوم بعد ذلك بإضافة شخصيات مختلفة غالباً ما يتعين عليها العمل عن بعد او العمل مع موظفين من ثقافات مختلفة، يصبح الأمر أكثر صعوبة. ولكن عندما يكون هناك أمان نفسي، فإن هذه التحديات أسهل.

لماذا ا؟ يتعلق الأمر بالتواصل. ذكر هذا المقال أن هو في عام 2006، درست الأستاذة كريستينا جيبسون من جامعة أستراليا والأستاذة جنيفر جيبس من جامعة روتجرز فرق الابتكار مع الأعضاء المنتشرين في جميع أنحاء العالم ووجدت أن السلامة النفسية ساعدت الفرق على التواصل بشكل أكثر انفتاحاً.

بالاضافة الى ذلك، استطاعت الفرق لمشاركة افكارها بصراحة والذي اعطها القدرة على العمل معاً. وكذالك، القدرة على أن تكون أكثر استعداداً للتعامل مع أي تحديات تأتي في طريقها.

من اللازم أن تكون ردة فعل الرؤساء في مكان العمل إيجابية.

تخيل مجموعة من الأطفال الذين في الخامسة من عمرهم يتعلمون الأشكال. وعندما يسألهم الأستاذ عن شكل مرسوم في السبورة ويجيب أحد الطلاب بإجابة خاطئة ثم يتم تهزيئة على إجابته الخاطئة، فهل تعتقد أن الطفل سوف يحاول أن يجيب عن سؤال إذا تم طرحه مرة أخرى؟ بالتأكيد، لا!

كذالك في مكان العمل، الموظفين يتم تثبيطهم إذا لم يتم الإستجابة على مقترحاتهم وأفكارهم بالطريقة الصحيحة من قبل رؤسائهم في العمل.

كيف يتم تشجيع الموظفين على التعبير بآرائهم ومقترحاتهم؟ يتم ذالك عبر إظهار التقدير عندما يعبر الفرد أو الفريق في مكان العمل عن رأيه. كذلك، أو عند اعطاء اقتراح لأن يتطلب الكثير من الشجاعة من الشخص لكي يعبر عن رأيه أو يعطي مقترح لرئيسه.

لذالك، عند اظهار التقدير من قبل القائد او الرئيس في مكان العمل، هذا يساعد على اعطاء الموظفين الأمان النفسي في مكان العمل.

الردود الإيجابية تجاه آراء ومقترحات الموظفين في مكن العمل ليست هي العامل الوحيد لغرس الأمان النفسي في الموظفين. التشجيع على التجربة والفشل يعتبر كذالك عامل أساسي على الأمان النفسي في مكان العمل.

يجب على رؤساء او قادة العمل أن يشجعو الموظفين على التجربة والفشل. تشجيع هذا النهج في مكان العمل يساعد على زيادة الابتكار والإبداع بين الموظفين في مكان العمل. وكذالك، يساعد الشركات على مواكبة التطور السريع الصناعات وللتكنولوجيا.

خلاصة الأمر

النجاح في العمل يعني أن تكون قادراً على تحمل المخاطر وإجراء محادثات تؤدي إلى الابتكار. ولكن هذا مستحيل فعله عندما يشعر الناس بعدم الدعم والخوف. عندما يبدأ القادة والزملاء على حد سواء في دعوة أصوات أخرى إلى الطاولة وتشجيع الناس على التعلم من الفشل، تكون النتيجة مكان عمل يزدهر فيه الأشخاص والأفكار.